قامت
الإدارة الأميركية في تاريخها المعاصر كما اصبح معلوم على حل أزماتها الداخلية
بخلق أزمة خارجية ممكن ان تنبع من الداخل الأميركي لتمتد الى التدخل العسكري لبلد
من البلدان، حيث نذكر خلال الأزمة الكوبية كان مخططا تنفيذ هجوم على مبنى الخارجية
الأميركية في واشنطن لتعبئة الرأي العام ضد النظام الكوبي الذي كان ميالاً الى
الشيوعية، تمكنه من خلالها على احتلال الجزيرة بغطاء الشرعية الدولية، الا ان هذه
الخطة فشلت بالرغم من استمرار الأزمة آنذاك.
عندما
بدأت الأزمة تتفاقم بين العراق والدول الخليجية بعد حرب الخليج الأولى بعدما كانت
العراق قد بدأت بالخروج من حربها مع ايران عبر بناء اقتصادها، فتعاون دول الخليج
على تخفيض اسعار البترول حتى لا تستطيع على سد عجزها عندها أعطى الأميركيون الضوء
الأخضر للحكومة العراقية على إجتياح الكويت بحيث كانت فخاً للتدخل العسكري ووضع
اليد على منابع النفط بعد ان كانت الولايات المتحدة تعاني من أزمة إقتصادية.
أما
بالنسبة الى أحداث 11 ايلول والتي كانت نتيجتها تدمير برجي التجارة العالمي قد نجد
أن الولايات المتحدة تتذمر من الركود الاقتصادي الذي كان سائداً حيث كان العجز
متفاقما في ميزانيتها حسب جريدة الواشنطن بوست التي نشرت العجز القائم في الخزينة
الأميركية بأوائل عام 2001، أدت الى تحرك الإدارة الأميركية في أوائل عهد جورج بوش
الأبن في وضع خطة إنقاذ متقنة تعطي القوة والمصداقية لإدارته في إدارة أزمات البلاد
ويعطيه الرأي العام الأميركي الثقة لتنفيذ قراراته.
إذاً
الأزمة الإقتصادية كانت قد بدأت قبل تولي الرئيس جورج بوش الأبن سدة الحكم، حيث أعلن
في برنامجه الإنتخابي العمل على تخفيض البطالة وعلى تخفيض العجز في الخزينة
الأميركية، وبما ان اقتصاد الولايات المتحدة هو الأول عالمياً فقد وجب على الإدارة
ان تجد حلاً يفوق الإقتصاد الأميركي، عندها فكان لا بد من حرب كبيرة تبيع من
خلالها اسلحتها الثقيلة لسد عجزها او خلق أزمة تمكنها من شن حرب تستخدم اسلحتها
للدفاع عن دولة أو منطفة تكون نتائجها ايجابياً على اقتصادها كما حصل في حرب
الخليج الثانية عندما هزمت الجيش العراقي بعد استدراجه الى الكويت ووضعت يدها على
منابع النفط في الخليج العربي.
هذه
السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة تؤدي دائماً الى حل إقتصادي مؤقت خلال حكم
أحد الرؤساء لإثبات قدرته على حل الأزمات ومن الطبيعي خلق الأزمات العالمية للتدخل
في شؤون الدول الصغيرة وخاصة بعد غياب قوة عسكرية واقتصادية كبيرة تقابلها بعد ان
وقف الاتحاد السوفياتي السابق موقف الند في الأزمة الكوبية أدت الى إستبعاد الحل
العسكري والإستعاضة عنه بالحل السياسي، أما في حرب الخليج الثانية فقد كان النظام
الشيوعي في الإتحاد الشوفياتي يحتضر وقتذاك لذلك أعطت العراق ذريعة للولايات
المتحدة للتدخل بالرغم من يقين الحكومة العراقية ان الاتحاد السوفياتي سوف يدعمه.
يُبنى
إقتصاد دولة على حساب إقتصاد دولة أخرى لأن التضخم السكاني يؤدي الى عجز في
الإقتصاد بحكم الإمكانيات المتوفرة في الدولة لذلك تقوم الولايات المتحدة بسد
عجزها عبر بيع الأسلحة الى الدول المتحاربة أو الدول الغنية مثل السعودية فيؤدي
ذلك الى استنزاف اقتصاد هذه الدول، والى خفض العجز في الخزينة الأميركية.. هذه هي
السياسة الأميركية التي تتبعها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، فما المانع
ان تكون أحداث 11 ايلول هي من انتاج الإدارة الأميركية؟ وما المانع أيضاً ان يكون
التنفيذ بأيادي المخابرات الأميركية؟
قبل
أيام قليلة من أحداث 11 أيلول كتبت الواشنطن بوست عن بيع أسهم شركات الطيران
العالمية وشركات التأمين من قبل أصحاب رأس المال، كما زادت المراهنات على انهيار
اسعار هذه الأسهم حيث أن ما من مؤشرات تدل على تدني أوضاع الأسهم لا أميركياً ولا
دولياً. ذلك كان من المدهش التبوء عن إنهيار الأسهم، كما أن شخصً في الإدارة
الأميركية راهن بمبلغ خمسة ملايين دولار على انهيار سوق أسهم التأمين والطيران قبل
يوما واحد من أحداث إنهيار برجيّ التجارة العالمي حسب التحقيقات التي أوردتها FBI والتي طمست لاحقاً خلال ساعات قليلة من بعد
التحقيق.
كيف
من الممكن التنبوء في إنهيار أسهم التأمين والطيران إذا لم يكن هناك من خطة تؤدي
هذا الإنهيار؟
هل
أن أصحاب رأس المال الذين باعوا أسهمهم قد أنذرهم تنظيم القاعدة بأنهم سيفقدون
اموالهم؟
هل
أن هذا الشخص في الإدارة الأميركية كان له علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة؟
والسؤال
الأهم هو لماذا جميع اليهود الذين يعملون في برجي التجارة العالمي قد انذروا بعدم
الذهاب الى مكاتبهم؟
بعد أحداث 11 ايلول قام مكتب التحقيقات الفدرالي FBI
بإستدعاء جميع الأشخاص الذين باعوا اسهمهم في شركات الطيران والتأمين وقد تم تعيين
موعد للتحقيق معهم، وبقدرة قادر تم إلغاء الموعد وأُلغيت جميع التحقيقات في زمن
قياسي وقد مُحي أثرها من سجلات FBI، كما عمدت الإستخبارات على
بث الدعاية منذ اللحظات الأولى لإنهيار المبنيين على إلصاق التهمة بالقاعدة مع
العلم أن شرطة نيويورك قد إعتقلت يهوداً كانوا يحتفلون بإنهيار برجي التجارة
العالمي ثم عادت وأخلت سبيلهم.
لكن الذي يثير الريبة ان عددا كبيرا من اليهود
العاملين في مركز التجارة العالمي قد تم إنذارهم بعدم الذهاب الى أعمالهم في
البرجين خوفاً من شيئٍ ما، لذلك لم يكن من بين الضحايا الذين ذكر اسمائهم الا عدد
قليل جداً من اليهود. كما أن الدعاية التي بدأت تبث منذ الساعات الأولى لإنهيار
البرجين عن ان القاعدة هي من بين المشتبه بهم في تخطيط وتنفيذ هذه الأحداث قد وضعت
علامات إستفهام كثيرة عن السيناريو الذي كانت تنوي الإدارة الأميركية إعلامه للرأي
العام الأميركي والعالمي.
إن أسامة بن لادن هو من صنع أميركي والخطوات التي
كان يتبعها منذ الاحتلال السوفياتي لأفغانستان ترسمها له الإستخبارات الأميركية،
فهل من الممكن أن يخرج عن طوع المظلة الأميركية بعد أن كان رجلها الأول؟ ولماذا
يقوم أسامة بن لادن على ضرب أميركا في أقصى الغرب مع العلم أن ضرب إسرائيل أسهل؟
سيناريوهات تم إنتاجها وعليها مئات علامات التعجب،
ومنها الفيلم الذي عرض على الرأي العام عن تفاصيل العملية وكيفية تنفيذها فجاءت
الحقيقة أن الذين نفذوا هذا الإعتداء وهم من جنسيات عربية مختلفة قد تلقوا تدريباً
في أفغانستان مع العلم أن هناك أشخاصا منهم لم يزور أفغانستان أو باكستان أبداً ومنهم
زياد الجراح اللبناني (حسب رواية العائلة) الذي جاء الى لبنان قبل وقت قليل من
أحداث 11 أيلول للإرتباط، حيث تمت خطبته فعلاً، فكيف لشخص متعلم إرتداد مدرسة
الحكمة وهي من أفضل مدارس لبنان، ولم تبد عليه علامات التعصب الديني أن يقوم بخطبة
فتاة وهو يعرف أنه سوف يموت؟
اليس الأجدى على أسامة بن لادن أن يقوم بتفجير
البيت الأبيض وهو مركز القرار العالمي والكابيتول والبنتاغون على أن يدمر مركزي
التجارة العالمي؟
هل أن المعلومات التي سُمعت من تسجيلات الصناديق
السوداء في الطائرات لم يتم التلاعب بها؟
تبقى المعطيات والتحقيقات ناقصة التي نشرتها CIA
حيث تم محض فرضية أن يكون هناك طرف ثاني خطط ونفذ هذه الإعتداءات بالرغم من وجود
دلائل كثيرة تشير أنه بلإمكان أن تكون هذه الطائرات قد وُجِهت لاسلكياً بعدما تم
الإستيلاء عليها الكترونياً (وهذه ممكنة لأنه هناك طائرات من دون طيار) مع العلم
أنها لم تخطئ هدفها أبداً بل أصابته إصابة دقيقة وخاصة البرجين. كيف بإمكان
أشخاصاً لم يُكمِلوا مبادئ تعليم الطيران أن يكونوا بهذه الدقة من إصابة الهدف؟
بعد هذا الكم من الأسئلة يتبادر الى أذهاننا سياسة
الولايات المتحدة التي تتبعها بعد كل أزمة إقتصادية، حيث تؤمن غطاءً من الرأي
العام وتشن حربها الاستباقية تحت مظلة الأمم المتحدة فتؤمن موارد لإعادة تقوية
إقتصادها كي لا ينهار. وقد يكون لدى الإدارة الأميركية القدرة على تمويه الحقائق
حسبما تقتضيه مصلحتها، وتعطي لنفسها غطاءً دولياً بتسيدها للقرار الدولي.
إذاً بالرغم من أن إعتداءات 11 أيلول غيرت منحى
وتاريخ دولة، أعطتها الحق في الإعتداء على دول أخرى تحت ذريعة حماية أمنها. لم
يتجاوز عدد قتلى برجي التجارة العالمي 2500 شخص إنما تعدى عدد الأشخاص الذين قتلوا
على أيدي القوات الأميركية بشكل مباشر أو غير مباشر المليون شخص بسبب هذه
الاعتداءات للثأر المعلن، مع العلم انه لم تؤدِ إعترفات معتقلي غوانتانامو الى
التأكد بان القاعدة هي من قام بأحداث 11 ايلول 2001.
وسام رعد